هذا الذي يجده القارئ بين يديه هو الكتاب الثاني عشر مما أنجزته عبر خمسين عاماً في فن المقال ... ولكنه هذه المرة يختلف عن كتب المقالات التي سبقته ... إنه من بدئه حتى منتهاه يتمركز في كتاب الله ... ويتعامل مع آياته البيّنات تلك التي تؤكد قيماً ومواقف وملامح أصيلةً في بنية هذا الدين، وتعكس رؤية معاصرة للمفاهيم القرآنية التي أريد لها أن تكسر حواجز التاريخ وتطل على كل عصر ...
ولهذا اخترت له عنوان ( آيات قرآنية تطلّ على العصر ) ... ليس – أبداً – بمعنى أن هناك بالمقابل آيات أخرى لا تلامس هموم العصر وتحدياته ... وانما لأنني عبر قراءاتي المتواصلة في كتاب الله اخترت هذه الآيات من بين العشرات والمئات والألوف ... وإلّا فإن كتاب الله كلّه، من بدئه حتى منتهاه، يطلّ على العصر وعلى كل عصر، متجاوزاً مقولات الجغرافيا والتاريخ ...
ففي هذا الدين ليس ثمة اكليروسية تقصر حق فهم النصّ الديني والتعامل معه على عدد محدود من رجال الدين ... وإنما هو دين مفتوح ... ينطوي كتابه على طبقات من المعاني التي ينبني بعضها على بعض، ويقوم بعضها على بعض ... ومن حق المسلمين جميعاً، وقد أمروا بقراءته يوماً بيوم، أن يفهموا منه ما يقدرون على فهمه، فإن لهم بذلك أجراً ... لكن فهمهم هذا ليس ملزماً للآخرين بأي شكل من الأشكال ...