هذا الكتاب ينطلق من أن أعظم خلل أصاب المسلمين، هو الخلل في الميزان الذي أنزله الله تعالى مع القرآن، وهو خلل في المنهاج والفكر والتصورات ترتب عليه الخلل الأعظم في فهم مقاصد الله تعالى في خلق الإنسان والكون.فقد بيّن الله تعالى أن مقصده في خلق أبينا آدم $\\text{عليه السلام}$ لا يتوقف عند «التسبيح والتقديس» ـ بل حسب خلل كفري أخرى تُكمل هذا المقصد؛ وهي كفة: «الاستخلاف والعمران»، امتثالاً لقوله تعالى: ﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود: ٦١].ومعظم البشر في خلل جسيم في العناية المطلوبة بهاتين الكفتين اللتين تتحقق بهما سعادة الدارين. فالخلل في تعبد الله يترتب عليه الطغيان، والخلل في العمران يتمخض عنه التخلف، ولا بد منهما جميعًا، حتى يتحقق مقصد الله تعالى من خلق الإنسان.وقد اكتشف الباحث أن دراسات «المقاصد» في أكثرها تعتمد على «مقاصد الشريعة» التي تأتي في دائرة «الكفة الأولى»، أي: العبادات بمعناها الخاص؛ ولذلك توجه الارتقاء بها ـ من جهتها ـ إلى دائرة «المنظومة المقاصدية الشاملة لمقاصد الله تعالى: في خلق الإنسان، والكون، ومقاصد الشريعة، ومقاصد المكلفين».وقد حاولت هذه الدراسة الشاملة الإحاطة بـ «كل» ما يتعلق بكفتي الميزان: كفة التقديس والتعبد، وكفة العمران والحضارة. وكذلك شملت كفتي مقاصد الله تعالى، ومقاصد المكلفين، كما أنها أوضحت أن لميزان المقاصد كفتين أخريين، وهما: كفة المجتمع، وكفة الدولة.وبذلك ظهرت الدراسة في ثوب شامل قشيب جميل، ازداد جمالاً بربط هذه المنظومة بالاجتهاد والفتوى، والاقتصاد، والتنمية، والوقف، والبيئة، والحوكمة، ونحوها.