الخطابةُ فنُّ التّحدُّث إلى الجماهير بإقناعٍ وإمتاع. ولهذا الفنّ من القول منزلةٌ ساميةٌ ومكانةٌ عاليةٌ عند العرب قديما وحديثا، وعند كافّة شعوب العالم. ولهذا الفنّ من القَول أيضا أصولٌ وأساليبُ ومهاراتٌ يصلُ مَنْ أتقنها إلى ذُروة التّفنّن والإبداع في مخاطبة الجماهير، واستهوائهم، وتحريك عواطفهم، وإقناعهم بما يريد من أفكار بأساليب حجاجيّة قويّة، ومهارات لغويّة جاذبة، وملكةٍ لفظيّة غزيرة مثراءة.
فما هي الخطابة، وما مقوِّمات الخطيب النَّاجح، وما المهاراتُ التي ينبغي له أن يَمْهَرَ فيها، وما الزَّاد الذي عليه أن يتشبَّعَ به ويرتوي منه، وما العوامل المساعدة على نجاح الخطبة في العصر الحديث؟. هذه الأسئلةُ وغيرُها تجيبُ عنها صفحات هذا الكتاب، ولسوف يَجدُ فيها الخطيبُ المبتدئُ ما يُعينُهُ على اقتحام عقبة البدايات الصّعبة، وتتفتّحُ أكمامُ الفصاحة بين جنبيه، ولسوفُ يجدُ فيها الخطيبُ المتمرّسُ أيضًا ما يُبصِّرُه، ويرتقي به إلى مصافّ الخطباء المجيدين المصاقعة الذين يُشارُ إليهم بالبنان في ميدان الخطابة الفسيح الممتع المؤثّر الجذّاب، والله الهادي إلى سواء السّبيل.