لاريب أن مكانة (عماد الدين زنكي) الكبيرة في التاريخ الإسلامي ناجمة عن سعيه لجمع معظم بلاد الجزيرة الفراتية. والشام، في ظل قيادة واحدة، تستطيع الوقوف بوجه الخطر الصليبي. وتعمل للقضاء عليه.
وقد اتبع زنكي لتحقيق غرضه هذا خطوات سياسية وعسكرية منظمة، جعلته مسؤولاً عن مرحلة جديدة في (الجهاد) ضد الصلبيين، تميزت بالتنظيم الذي يعتمد رؤية (استراتيجية)، بعد أن كان الأمراء المحليون، في الفترة السابقة، يقاتلون أعداءهم ارتجالاً.ودونما تخطيط شامل مدروس، إلا في القليل النادر.
وهذا الكتاب دراسة للخطوات التي اتبعها زنكي لتحقيق هدفه، وعرض لشخصيته ومنجزاته على جبهتي الحرب والسلام، وتحليل للظروف الإيجابية والسلبية التي أحاطت به، خلال سعيه لإنشاء أكبر إمارة إسلامية شهدتها الجزيرة الفراتية، وشمالي العراق، والشام، تلك التي استمرت تحكم من بعده أكثر من قرن، وامتدت – زمن نورالدين محمود والناصر صلاح الدين- لكي تضم دمشق والأردن ومصر والحجاز واليمن، في دولة قوية واحدة، قدر لها أن تسحق الغزاة في فلسطين، وتحرر القدس.