تعكس هذه المسرحية تطبيقًا دراميًا مؤثرًا لمفهوم المداولة التي حدثنا عنها كتاب الله ( وتلك الأيام نداولها بين الناس ) حيث تنتفي أمام إرادة الله المطلقة فكرة الدوام الأبدي لأيّة تجربة على الأرض في هذه الحياة الدنيا ... فليس ثمة ( جئنا لنبقى ) كما تطرحها بعض القوى والأحزاب التي تهيمن على الساحة ثم ماتلبث أن يكتسحها الفساد فتخرج من التاريخ مصداقاً للآية الكريمة ( أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لامعقب لحكمه وهو سريع الحساب ) ...
لقد شهد تاريخنا الإسلامي مائة وثلاثين كياناً سياسيًا كُلها انتهت إلى البوار ... وإمبراطورية الألف عام التي سعى هتلر إلى تشكيلها زالت في أثني عشر عاماً، ومقولة موسوليني ( سنركز راياتنا فوق النجوم ) كنستها حركة التاريخ خلال عشرين عاماً، وبريطانيا العظمى التي لاتغيب عن أملاكها الشمس مالبثت أن أنحسرت في جزرها الضيقة، وأما الاتحاد السوفياتي العملاق التي أدعى مؤسسوه أنه سيبقى بحكم قوانين التاريخ العلمية إلى الأبد مالبث أن توارى عن الأنظار في مدى سبعين عاماً ...
تلك هي سنة الله في خلقه، وتجيء مسرحية ( المداولة ) لكي تطبق القانون ذاته على عينة محددة مما نشهده في واقعنا صباح مساء، ومما سبق للأديب المعروف ( جان بول سارتر ) ان عبر عنه في روايته المؤثرة ( الدوامة ) حيث طالما نادت القوى والطبقات المضطهدة بأنها لو تسلمت السلطة فإنها ستنشيء عالماً لاظالم فيه ولا مظلوم، إلا أنها ماتلبث أن يكتسحها الفساد وتجد نفسها مسوقة للوقوع في المصيدة ذاتها التي سبق وأن وقع فيها الطغاة السابقون ...
مسرحية يجب أن تقرأ لكي تلقي العزاء في نفوسنا بأنه لادوام مطلقًا لأي متجبر في الأرض!