القراءة الماضوية لتاريخنا العربي اليوم لم تعد تصنع الوعي المطلوب، بل هي في أغلبها قراءةٌ مشحونة بمشاعر الزهو الكاذب بالماضي، الذي لم نشارك في إنجاز مباهجه، حتى أضحى هذا التاريخ عبئاً ثقيلاً، لا دافعاً ومعيناً... بالرغم أن التاريخ لا يمكن إحياؤه كما كان، بل يجب أن نحيي التاريخ كما نحن بحاجة إليه.
والدراسات التاريخية اليوم بحاجةٍ ماسة إلى تأطير جهودها بالتأصيل لعلم التاريخ، وحاجة الأمة إليه، مع بيان من يقوم بهذا الجهد وما هي صفاته، وما هي معالم الاستمداد منه، لضمان مواجهة واعية لهجوم كاسح على تاريخ الأمة وتراثها وثقافتها.
وهو بلا شك تأصيل يستشرف المستقبل بل يجعل من التاريخ "علم المستقبل" بجدارة، لأنه يضع المعالم المضيئة لصياغة جديدة للمعرفة التاريخية، بما يتناسب مع ثقافة العصر المسلح بالتقانة و الرقمنة ووسائل التواصل المبهرة ...
وبهذا يكون الوعي بالتاريخ مساهمة رشيدة في التحرير والعتق من النمطية التي يراد لنا أن نكون عليها، وقد آن الأوان لاستدراك ما فات، و العمل على توظيف التاريخ كأداة لصناعة الوعي و التغيير لمستقبل أفضل.