إنَّ كتاب (البداية والنِّهاية) من أجلِّ الكتب التي اشتملت على التَّاريخ الإسلامي، ومن أشهر ما أُلِّف في التَّاريخ، وفيه أظهر ابن كثير صورة الإسلام المشرقة، ممَّا جعل كتابه من السِّجلَّات التَّاريخية القيِّمة، فلاقى استحسانًا واسعًا وإعجابًا فائقًا من العلماء والمتخصِّصين، ماضيًا وحاضرًا، فصار مصدرًا أساسيًّا للباحثين.
واعتمد ابن كثير في كتابة التَّاريخ الأموي على التعمُّق في قراءة مئات المصادر والرِّوايات، ومعرفة قيمتها، فكتب _ بناءً على ذلك _ تاريخ الأموييِّن بنظرة موضوعيَّة تنشد العدل والإنصاف، وتؤثر التَّفكير والاجتهاد، وترفض التَّقليد والجمود.
واتَّصف _ خلال ذلك _ بقوَّة الملاحظة، وصراحة النَّقد، والجرأة في الحق، وتحرِّي الدِّقَّة والصِّدق في النَّقل، والقدرة الفائقة على ربط الحوادث بصورة مميَّزة وسلسة، وكان يبيِّن آراءه فيها، وذلك بعد فحص وتحقُّق.